شهداء " الواجب "
نجوى وقفت تستقبل المصلين في عيدهم ... فكانت
مكافئتها نيل " الشهادة "
الركايبي .... بدأ مشواره بتنفيذ الأحكام
....وإنتهت حياته بها
أمنية ... كانت تخطط لحفل زفافها ... لكن
القدر كان له رأي آخر
كتب : شهاب طارق
يكثر الحديث هذه الأيام عن الشهداء الذين
سقطوا جراء تفجير الأحد " الأسود " الذي وقع بكنيستي مارجرجس بالغربية
ومارمرقس بالإسكندرية وعن التضحيات التي قدموها في سبيل حماية مرتادي الكنائس
وخاصة خلال إحتفالهم بعيدهم " أحد السعف " فلدينا العديد من النماذج
التي يجب الإقتداء بها والسير على خطاها ... العميد شرطة نجوى النجار من أوائل
الشهداء الذين سقطوا في حادث تفجير الإسكندرية ... وقفت تؤدي واجبها في تأمين
الأقباط عند دخولهم الكنيسة حتى جاء الإنتحاري الذي قام بتفجير نفسه على مسافة
مترين لتلقى حتفها شهيدة وكانت آخر كلماتها للأقباط خلال دخولهم الكنيسة للإحتفال
بعيدهم وقبل أن تنال الشهادة حيث قالت لهم " عيدكم عيدنا " .
فالعميدة نجوى والدة الملازم مهاب عزت الذي إستشهد
مؤخرا في تفجير إنتحاري نفذته مجموعة من العناصر الإرهابية في كمين بالساحل
الشمالي أمام قرية مارينا السياحية بمطروح مطلع أغسطس 2014 ، وهي زوجة اللواء عزت
عبد القادر وتبلغ من العمر " 53 " عاما وكانت أحد أعضاء تأمين الكنيسة
المرقسية ، وقبل وفاتها صباح اليوم المشئوم طلبت من زملائها الإنضمام إلى تأمين
الكنيسة عند الصفوف الأمامية وأن لا يقتصر دورهم على الإشراف على القوة المعنية
بتفتيش السيدات وكان آخر ظهور لها في الفيديو الذي تم تسجيله بواسطة كاميرات
المراقبة قبل ثواني من حدوث " الفاجعة " وهي تقف عند البوابة
الإليكترونية بجوار زميلتها وعلى مسافة أقل من مترين من الإنتحاري الذي فجر نفسه .
أحد
أمناء الشرطة ويدعى محمد أبو ضيف وكان أحد المرافقين للعميدة الشهيدة قال أنها لم
تكن خائفة من الموت ودائما كانت تريد التواجد في الصفوف الأمامية لتفتيش السيدات
مما أدى إلى وضعها ضمن قائمة شهداء الشرطة .
أما المقدم عماد لطفي حسن الركايبي فهو خريج
كلية الشرطة عام 2001 وتدرج للعمل بالإسكندرية
حتى تقلد رئيس مباحث وحدة تنفيذ الأحكام بمنطقة العطارين وهو متزوج منذ سنوات وله
طفلين ، صباح يوم الحادث خرج متوجها إلى عمله لتأمين الكنيسة وكالمعتاد توقع أن
هذا اليوم سوف تسوده البهجة والسعادة من قبل المئات الذين سيذهبون إلى هناك للإحتفال
" بعيد السعف " قبلها قام بإعطاء قبلة لإبنه الصغير قبيل توجهه إلى عمله
وعند ذهابه تبادل الإبتسامة مع المتوافدين على الكنيسة وبخاصة الأطفال الذين أرتدوا
أجمل الثياب ليحضروا مع أسرهم من أجل الإحتفال بالعيد مع أداء الصلوات التي كان
يترأسها البابا تواضروس الثاني الذي نجا لخروجه من الكنيسة قبل تفجيرها .
بدأت الأمور هادئة لمدة ساعتين ولكن بدأت
تتوتر بمجرد العلم بوقوع إنفجار كنيسة مارجرجس بطنطا ، بعدها إنتابه هو ومن معه من
أفراد المكلفة بتأمين الكنيسة المرقسية ورواده القلق وكأنه كان يشم رائحة الإرهاب
تقترب إليه وهو ما تحقق عندما إشتبه في شخص بدت عليه علامات الإرتباك حاول الدخول
إلى الكنيسة بالقوة إلا أن الشهيد ومن معه حاولوا توقيفه فشعر الإنتحاري بالخطر
فما كان منه إلا أن قام بتفجير نفسه بالحزام الناسف الذي كان يرتديه فيهم ليلقى
الشهيد مصرعه وعلامات الإبتسامة لا تفارق وجهه وكأنه كان يتمناها وأنه راضي عما
قدمه من أجل حماية المئات من المصريين وأنه ضحى بحياته من أجلهم .
وقد شيعت جنازة الشهيد مساء أمس بمركز
المحمودية بالبحيرة " مسقط رأسه " بحضور مساعد الوزير لأمن البحيرة علاء
الدين شوقي وسكرتير مساعد المحافظة والعديد من القيادات الأمنية والتنفيذية وعدد
من أعضاء مجلس النواب عن المحافظة حيث ردد المشيعون هتافات " لا إله إلا الله
الشهيد حبيب الله والإرهاب عدو الله " وتوافد المئات من الأهالى على منزل
أسرة الشهيد لتقديم التعازي والمواساة .
في حين قال والده اللواء أركان حرب بحري لطفي
عبد المنعم الركايبي إن نجله كان يتمنى الشهادة وقد نالها أخيرا والحمد لله على كل
شئ مؤكدا أن الإرهابيين قتلة ولا يمتون للإسلام بصلة ويجب أن يتم محاكمة مرتكبي
الحادث سريعا والقصاص العادل لأسر الشهداء .
فيما قال محمد الركايبي إبن عم الشهيد أن
عماد رحمه الله كان شخصا محبوبا من الجميع من أبناء قريته قرية " العطف
" بمركز المحمودية من زملائه في العمل وطالب هو الآخر بسرعة محاكمة المتهمين
والقصاص العادل منهم ، وقد توافد العديد من أهالي القرية والقرى والمراكز المجاورة
وزملاء الشهيد من الضباط لتقديم التعازي لأسرته . العريف أمنية رشدي .... كانت
تستعد لحفل زفافها وتخطط له منذ فترة طويلة فلم يكن يتبقى على زفافها شهر فقط
....وذلك قبل إستشهادها طبقا لما قالته زميلتها العريفة أسماء محمد بسجن الحضرة
حيث قالت أسماء أن الشهيدة كانت تواصل العمل ليلا ونهارا من إجل إتمام زواجها إلا
أن الحادث الإرهابي بالكنيسة المرقسية حرمها من ليلة العمر وحرم أحبائها من فرحتهم
بها .
أما زميلة أمنية الثانية العريفة ريدة سعيد
وهي زميلة الشهيدة بالعمل فقالت " أن أمنية رحمها الله كانت قد تقدمت بطلب
للإنضمام إلى فريق تأمين الكنيسة ولم تكن على علم بأنهت بذلك سوف تنال الشهادة
وقالت أيضا " أمنية ماتت قبل أن تزف إلى عريسها ، لكننا قمنا بزفافها للجنة
ولا نستطيع أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل في كل كافر إستباح لنفسه إزهاق
الأرواح بدون وجه حق .
لم تقتصر الشهادة في حادثة المرقسية على
الضباط فقط بل إمتدت إلى الذين أفنوا عمرهم في خدمة الكنائس ..... فادي رمسيس جرجس
طالب بكلية العلوم بالسنة الرابعة بجامعة طنطا .... إعتاد كل يوم أحد أن يتوجه إلى
الكنيسة قادما من بيته ليشارك الشمامسة في الترانيم بكنيسة مارجرجس .... فوالده
توفي منذ عامين بأزمة قلبية وهو عائدا إلى بيته مما سبب له صدمة قوية لكنه إستطاع
أن يتغلب عليها وإستطاع أن يقود أسرته بنجاح حيث إستطاع أن يوفق ما بين دراسته
وعمله في مكتبة للأدوات المدرسية .... وبعد أن تم تفجير الكنيسة أصيب بإصابة شديدة
في رجله تم نقله على أثرها إلى مستشفى المنشاوي العام هناك ومنه إلى معهد ناصر
بالقاهرة لكن القدر أراد أن ينال الشهادة وأن يلحق بمن سبقوه بنيل هذا الشرف
العظيم والذين دفنوا بعد مرور 12 ساعة على الإنفجار ، حيث روى عمه أديب جرجس عوض
" أنه ذهب إلى المستشفى للإطمئنان عليه وعند ذهابي وجده يمسك بيده ويطلب منه
أن لايتركه فقال له أنه لن يتركه ، وأضاف أن نجل شقيقه أصيب بقطع في أوتار رجله من
فوق الركبة وتعرض لنزيف دم هائل وعندما ذهب إلى مستشفى المنشاوي لم يفعلوا له شيئا
وعندما تم نقله إلى معهد ناصر تم نقله في وقت متأخر كان قد فارق الحياة وعندما علم
بالخبر قام بإبلاغ والدته التي إصيبت بإنهيار شديد عند سماع خبر وفاة نجلها وذلك
بعد أن أكدوا لهم الأطباء بالمعهد أنه بخير ولا داعي للقلق وعند العودة من القاهرة
تم الإعلان عن وفاته مضيفا أن الأخيرة في
حالة إنهيار وأنها ليس لديها القدرة على التحدث مع أحد وأنها محطمة نفسيا .
على أحدى بنايات دير مارمينا بكينج مريوط
بالإسكندرية جلس عماد نسيم نجل الشهيد نسيم فهيم حارس الكنيسة المرقسية متأملا
ببصره بين قدميه ... تنهمر من عيناه الدموع ... فوالده هو من رفض دخول الإنتحاري
من الباب الجانبي وأمره بالدخول من البوابة الإليكترونية ويقول عماد عن أبيه أنه
أنقذ الكنيسة وحياة البابا تواضروس وكل من داخل الكنيسة ويؤكد عماد أن والده حضر
إلى الكنيسة للعمل كسائق حيث كان يعمل حارسا بها قبل 30 عاما مشيرا إلى أنه كان
يذهب مع الأطفال في رحلاتهم من الكنيسة ويقوم بالتصوير معهم وعن يوم الحادث قال
نجله أنه كان يقوم بتوصيل المعاقين والمرضى من البيت إلى الكنيسة وبعد مرور دقائق
كانت الصلاة قد إنتهت وبعد ذلك تم الإتصال به لإخباره بإنفجار الكنيسة ، بينما
جلست زوجة نسيم " سميرة " على أحد المقاعد البلاستيكية بعد أن تم دفن
زوجها وقالت عنه أنه هو بطل الحادثة حيث ضحى بحياته لحماية الكنيسة والبابا وأن
القيامة سوف تقوم وهو سيقوم معها حيث أن زوجها هو البطل الذي تولى حماية المواطنين
والكنيسة مؤكدة أنه تمنى الشهادة وقد نالها ووجهت كلمة للإنتحاري الذي قام بتفجير
نفسه مفادها أنها أصفحت عنه .


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق