التابعي .... أمير الصحافة
عشق أسمهان حتى تزوج .... ووصفه هيكل
بالظاهرة
رغم مرور 41 عاما على وفاته فسيظل محمد
التابعي أميرا في قلوب الصحفيين والمفكرين بمصر والعالم العربي حتى الآن فعلى يديه
تتلمذ كل من مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس ومحمد حسنين هيكل رحمه الله وأحمد رجب
وكامل الشناوي وعلى يديه تعلم الصحفيين الشبان إن النجاح هو مفتاح الصحفي الشاب
وأن الصحفي لاينافق ولكنه يدافع عن قضيته لآخر نفس .
حيث نشر كلمة له في مجلة الجيل الجديد مطلع
عام 1956 قال فيها أنه لو بدأ حياته من جديد سوف يختار طريق الصحافة ليدخل منه إلى
عالم النجاح والنجاح في الصحافة يسمى " الإسم النظيف " والنجاح يختلف
حسب رغبة كل شخص فهناك من يأخذ النجاح بمقياس المال أما بالنسبة له فالإسم النظيف
هو أهم من الثروة فلو أنه شاب ويريد أن ينجح في الصحافة فلن يحيد عن الإتجاه الذي
يسير فيه وسوف يفرغ ما في صدره ولن يعنينه ما يقوله الناس مادام مع الحق ومع
مناصرة المظلوم فإذا كان الرأي العام لن يقبل برأيه فلن يفرضه عليه فالواجب على
الصحفي أن يفرض رأيه وكذلك الكفاح في العمل هو سر نجاح الصحيفة أيا كانت " .
إسمه بالكامل محمد التابعي محمد وهبة .... من
مواليد محافظة بورسعيد بخليج الجميل في الثامن عشر من مايو عام 1896 وذلك في صيف
ذلك العام حيث كانت أسرته تقضي عطلتها الصيفية على ذلك الشاطئ فجذورها يعود إلى
مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية بدايته كانت بمقالات فنية كان يكتبها بجريدة
الأهرام وكانت تحمل توقيع حندس حيث كان يكتب في البداية قبل الأهرام في مجلة روز اليوسف بدون توقيع فهو كان موظفا
بالبرلمان وكادت أن تتسبب مقالاته السياسية في الوقيعة بين الدستوريين وما يسمى
السعديين بعدها إستقال من وظيفته وتفرغ للكتابة بالأخيرة وكان ثمن المجلة في هذا
الوقت لايتعدى خمسة مليمات وتسبب مقالاته السياسية التي كانت تتسم بالقوة في زيادة
سعر المجلة ليصبح ثمنها قرش صاغ .
قام بعد ذلك بتأسيس مجلة " آخر ساعة
" مطلع 1934 وأسس أيضا جريدة المصري بالإشتراك مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت
... عرف عنه أنه كان يتحقق من المعلومات قبل نشرها وكان يحصل على الأخبار أيا كانت
مصادرها حيث كان يتميز في هجومه بالطابع الساخر ولكن بأسلوب لبق ومهذب وأصبح علامة
خاصة في الكتابة ... ويعد إطلاق الأسماء الهزلية على الشخصيات السياسية البارزة من
الأساليب الساخرة التي كان يتبعها التابعي حيث كان يكتفي بإطلاق الأسم الهزلي في
المقال الذي يقوم بكتابته ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة التي يتحدث عنها
المقال .
كان متيما بحب أسمهان لكنه تزوج بالفنانة
زوزو حمدي والتي كان يحبها الشاعر إبراهيم ناجي والتي كتب قصيدته " الأطلال
" التي غنتها أم كلثوم عام 1965 لتكمل ما يسمى بالمثلث الأسطوري بعد وفاة
صاحب القصيدة نحو 13 عاما .
أطلق عليه لقب " دنجوان الصحافة "
حيث كان للتابعي العديد من قصص الحب داخل وخارج مصر وتزوج من الفنانة زوزو حمدي
الحكيم في السر منتصف 1930 وعلمت زوجته هدى التابعي بزواجه السري والذي إستمر لمدة
شهر من أحد الصحفيين الذي قال لها أنه تزوج في ذلك الوقت .
ولكن قصته مع أسمهان أخذت طابع آخر حيث إنتهت
إلى كتاب قام الأخير بتأليفه عنها يتكون من 250 صفحة يحمل عنوان " أسمهان
تروي قصتها " قال فيها " حيث أن التابعي كان متيما بها وهو لم ينكره على
الرغم من علم جيله من الصحفيين بالقصة كاملة .
ويقول التابعي في كتابه عن أسمهان "
كانت فيها أنوثة لكنها لم تكن جميلة بمقياس الجمال ... وجهها المستطيل وأنفها الذي
كان مرهفا أكثر بقليل مما يجب وطويلا أكثر بقليل مما يجب وفمها الذي كان أوسع
بقليل مما يجب وذقنها الثائر أو البارز إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب .... عيناها
كانت كل شئ في عينيها السر والسحر والعجب .... تعرف كيف تستعمل سحر عينيها عند
اللزوم "
سافر بعدها مرة أخرى إلى أوروبا مطلع صيف
1939 وترك أسمهان في القاهرة وكان يسمع أخبارها من وقت إلى آخر وربما كان لبعده
عنها سببا في زواجها من المخرج أحمد بدرخان .... ورغم سفره وزواجها إلا أن علاقته
بها لم تنقطع حيث وقف بجانبها من أجل الحصول على الجنسية المصرية خاصة بعد أن
تزوجت من بدرخان عرفيا حيث كانت تحمل الجنسية السورية والفرنسية .
حزن التابعي كثيرا عند وفاة أسمهان وبكي
عليها كما لم يبكي على أحد من قبل وقال عند بكائه " السيدة الوحيدة التي
أحببتها في حياتي ومازلت أحبها وسأبقى أحبها هي آمال الأطرش " أسمهان "
رغم نفي إبنته ذلك حيث قالت في برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات أنه كان يوم
وفاتها في رأس البر بدمياط وأنها كانت ذاهبة لمصالحته وعندما علم بذلك قرر العودة
إلى القاهرة بصحبة صديقه كامل الحمامصي وأنه عندما سمع خبر وفاتها تلقى الخبر
ببرود تام ولم يبكي عليها كما قال العديد من الصحفيين الذين لايعرفون تاريخه ولم
يحضر عزائها إنما أرسل برقية عزاء على حد قولها .
صدر العديد من المؤلفات عنه منها سيرته الذاتية
في جزئين أصدره الكاتب الصحفي الراحل صبري أبو المجد وكتاب " من أوراق أمير
الصحافة " الذي أصدره الكاتب محمود صلاح كما قام كاتب يدعى حنفي المحلاوي
بإصدار كتاب " غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة " يحكي عن أشهر قصص الحب
التي عاشها التابعي في مصر وفي أوروبا " فقد اطلق عليه لقب " دنجوان
الصحافة " إلى جانب لقب أميرها ومؤسسها وكان له علاقات قوية بالمشاهير
والأمراء في كافة أنحاء العالم .
قال عنه تلميذه الراحل مصطفى أمين "
كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولايخاف ولا يتراجع وكلما سقط على الأرض
قام بحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار " حيث تعلم على يديه عمالقة
السياسة والأدب بجانب الصحافة ، وصفه هيكل في كتاب " أحمد حسنين باشا "
بالظاهرة التي من الممكن أن تجمع بين الصحفي والأمير
لذلك كان إحتمال الخلط بينهما وارد فقد كتب
التابعي في مؤلفاته عن الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي وعن أحمد حسنين باشا وعن
غيرهم من موقع معايشته لهم حيث كان يرى نفسه في بعض المشاهد بالقصر الملكي جزءا
منها وكانت العقبة الوحيدة في تجربته معهم أنه تصور وهو يعايشهم بأنه يستطيع أن
يجاريهم ظنا منه أنه ليس أقل منهم وبالفعل لم يكن أقل منهم بل كان أفضل منهم فهو
أمير بقيمته أما الآخرون فهم أمراء بالألقاب .
ومن الأقوال المأثورة لأمير الصحافة محمد
التابعي :
" لقد خلعوا على الصحافة لقب "
صاحبة الجلالة " لكن صاحبة الجلالة تحمل على رأسها تاجا من الأشواك ! فالصحفي
يكتب وسيف الأتهام مسلط فوق رأسه وقليلون منا نحن الصحفيون هم الذين أوتوا الشجاعة
لإبداء رأيهم ولا يبالون في أن يتهموا في نزاهتهم وأنهم مأجورون ينالون ثمن
مقالتهم من دولة ما أو من جهة ما .... إذا كتب الصحفي أتهم في نزاهته وإذا لم يكتب
أتهم في شجاعته بأنه لايؤدي واجبه ورسالته " .
" رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا
كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك " .
" أنا لا أسكت على الحال المايل ، رأيي
أن الصحافة تستطيع مواجهة الرأي العام وليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه
" .
" أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا " .
" أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا " .
وله العديد من المؤلفات أبرزها " بعض من
عرفت مطلع عام 1950 ومن أسرار الساسة والسياسة عام 1959 وأسمهان تروي قصتها عام
1961 وكتاب " ألوان من القصص " عام 1964 وأحببت قاتلة عام 1966 ومؤلفات
عندما نحب ولماذا قتل وليلة نام فيها الشيطان مطلع 1969 وجريمة الموسم عام 1960
وكتب " صالة النجوم ورسائل وأسرار " مطلع عام 1970 وحكايات من الشرق
والغرب " ثلاث قصص " عام 1972 إلى جانب ترجمته لكتاب مذكرات المرحوم
اللورد سيسيل عام 1922 .
لديه العديد من القصص التي تم تحويلها إلى
أفلام سنيمائية ومسلسلات ومسرحيات من أهمها : نورا بطولة كمال الشناوي ونيللي
وعندما نحب وعدو المرأة من بطولتي رشدي أباظة ونادية لطفي وفيلم تم تصويره بلبنان
من بطولة كمال الشناوي ونور الهدى ولولا صدقي إلياس مؤدب من قصته ومن إخراج جياني
فيرنتشو عام 1952 .
وقيامه بكتابة السيناريو بالإشتراك مع فتحي غانم لفيلم " صوت من
الماضي " من بطولة أحمد رمزي وأمينة رزق وقيامه بإعداد السيناريو لمسلسل
جريمة الموسم الذي عرض بالتلفزيون المصري ومن بطولة عادل أدهم ومسرحية "
عندما نحب " من إعداد د. سمير سرحان ومحمد عدل .
ظهرت شخصيته في العديد من الأعمال الدرامية
من بينها مسلسل أسمهان وأم كلثوم وزينب
والعرش حيث جسد شخصيته الفنان الراحل محمود مرسي وفلاح في بلاط صاحبة الجلالة
والذي قام الفنان أحمد رفعت بدور التابعي إلى جانب تجسيد الفنان هشام سليم لشخصيته
بمسلسل إذاعي .... توفي التابعي في الرابع والعشرون من ديسمبر مطلع عام 1976 .
ومازال التابعي متربعا على عرش " أمير
الصحافة " فهو ساكن في قلوب كل من يعمل بالوسط الصحفي بأعماله وأقواله
المأثورة فعلى يديه تعلم عمالقة الأدب والفكر والسياسة وعلى يديه سار الصحفيين
الشبان على نهجه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق